يقول تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) هذه الآية تنطق بوجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ربط الله بين الإتباع والتقوى، لأن العقبات التي تحول بين الإنسان واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكون كثيرة، ولا مجال للانتصار عليها إلا بالتقوى فنفوز بالجنة و النعيم.
ونتساءل هل يُوجد إنسانٌ يُعرضُ عليه دخول الجنة ويأبى ؟ هذا ما عرضه النبي - صلى الله عليه وسلم -على أصحابه فقال: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى".
النبي ينتظرنا فمن يذهب إليه ؟
يا له من موقف يحتاج إلى تأمل وتفكر، بقلوبنا قبل عقولنا وبمشاعرنا قبل فكرنا، ونحن نتخّيل ما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو ينتظرنا عند الحوض، نعم ينتظرنا باسمنا !
فمن منا يريد مقابلته ورؤيته والسلام عليه والجلوس معه ؟! انه ينتظرك عند الحوض فهل نحن جادّون في الذهاب إليه أم نكون من المتأخرين المبدلين ، فيحزن النبي لتخلفنا وتأخرنا؟ ! يقول صلى اله عليه وسلم : " إني فرطكم عند الحوض ، انتظر من يرد إلى ، فو الله ليقتطعن دوني رجال فلأقولنّ : أي رب أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ما عملوا بعدك، مازالوا يرجعون على أعقابهم". أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
يا أحب من نفسي؟!
فلماذا لا نكون من الآن من المفلحين ونعلن عن إيماننا ومحبتنا وتوقيرنا وتعظيمنا ونصرتنا للحبيب وأتباعه: ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )هنالك يحق لنا أن نُعلن من أعماق قلوبنا: يا حبيبي يا رسول الله ، فيحبنا الله : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) . لقد تشابكت يد عمر بن الخطاب بيد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في لحظة حب فأعلن عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلىّ من كل شيء إلا نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " ، فقال عمر : فإنه الآن لأنت أحب إلىّ من نفسي ، فقال: - صلى الله عليه وسلم -: " الآن يا عمر " بمعنى الآن اكتمل إيمانك يا عمر.
فهي دعوة مفتوحة لكل من يريد أن يكمل إيمانه حتى يتحقق فيه قول النبي : " أنت مع من أحببت".
من يستطيع أن يملأ عينه من رسول الله ؟
روى مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال :
" وما كان أحد أحب إلىّ من رسول الله - صلي اله عليه وسلم - ، ولا أجلّ في عيني منه ، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه".
وها هو سعد بن الربيع قبل موته بلحظات يقول للأنصار : " لا عذر لكم عند ربكم إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف" . فما عذر لأمة الإسلام اليوم إن امتدت لمسة أذى لحبيبنا وفينا عين تطرف.!!
وهذه قدوتنا في امرأة عبرّت عن قمة حبها حينما مات زوجها وأخوها وأبوها في يوم أحد ، فلما نعوا لها قتلهم قالت : فما فعل رسول الله - صلي الله عليه وسلم -؟ قالوا: خيرا، هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك صغيرة يا رسول الله ما دمت بخير.
من ينضم إلى إخوان محمد؟
أتحب أن تكون من إخوان محمد ؟ ألكم شوق أن تنضموا إلى إخوان محمد ؟ الداعي إليها هو محمد فما أنتم فاعلون ؟ خرج النبي ـ صلى الله عيه وسلم ـ على أصحابه، فقال لهم: " وددت لو أرى إخواني؟ قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : أنتم أصحابي ، إخواني قوم يأتون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني".
هذا من أجمل العروض من الحبيب لأبناء أمته في عصرنا ، فيا فوز من التحق بإخوان محمد.!!
فما ثمن العضوية ؟ وهل هي لأناس معينين ؟ أوضح ذلك الحبيب فقال : " ستأتي أيام الصبر ، الصبر فيهن كالقبض على الجمر ، أجر الواحد منهم كأجر خمسين ممن يعمل عملكم ؟ قالوا: منا أو منهم يا رسول الله ؟ قال : بل منكم".!!!
نعم أجر خمسين من الصحابة والصحابيات لمن يثبت على دينه في هذه الأيام رجل كان أو امرأة، فهنيئا لمن نال شرف العضوية!! وهنيئا لمن حصل على مكافأة الاتباع.
وبقيت وصية النبي لنا وهو يقول لمعاذ: " إن أولى الناس بى المتقون من كانوا وأين كانوا "، رواه أحمد. فأحباب محمد المتقون، بغضّ النظر عن جنسيتهم أو لغتهم أو مكانتهم على الأرض.
هل تجمعني وحبيبي الدار ؟
خرج عمر بن الخطاب ليلا فرأى مصباحا في بيت، وإذا بامرأة تنقش صوفا وتقول:
على محمد صلاة الأبرار ***صلى عليه الطيبون الأخيار
هل تجمعنا وحبيبي الدار ***هل تجمعني وحبيبي الدار
فحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منّة وهدية بعد المنّة من الله ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم: ( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا ) ، فخدمة الحبيب واتباعه تمتد حتى آخر اللحظات ، تقول عائشة : " من نعم الله عليّ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ توفى في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وإن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته ". رواه البخاري ومسلم