زيزو
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 24/06/2009
| موضوع: حكم تقبيل قدمي الوالدين ومن في منزلتهم الأربعاء يونيو 24, 2009 12:10 pm | |
| - زيزو كتب:
السؤال : لمس قدم أشخاص آخرين ، أو تقبيلها ، " قد أظهر أدلة من الأحاديث بأنه من الجائز لمس قدم الآخرين ، أو تقبيلها ، وأن البخاري كانت له رؤى حيال هذا الأمر ، وقد كتب كتباً في صحة هذا الأمر ، وأن طاهر القدري قد دعم رؤيته بأحاديث موضوعة ، أو ضعيفة ، فماذا يجب أن يكون موقفنا حيال طاهر القدري ؟ .
الجواب : الحمد لله أولاً : أشهر ما يُستدل به على تقبيل الرِِّجْلين : حديثان ، وحادثة ، أما الحديث الأول : ففيه تقبيل يهودييْن لرجلَي النبي صلى الله عليه وسلم ، والثاني : فيه تقبيل وفد عبد القيس لرجل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الحادثة : ففيها تقبيل الإمام مسلم لرجليْ الإمام البخاري ، رحمهما الله ، ونحن نذكر تفصيل ذلك ، وكلام العلماء حولها . الحديث الأول : عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ : ( قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ : اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ ، فَقَالَ صَاحِبُهُ : لَا تَقُلْ نَبِيٌّ ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَقَالَ لَهُمْ : (لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ ، وَلَا تَسْحَرُوا ، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا ، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً ، وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ أَنْ لَا تَعْتَدُوا فِي السَّبْتِ) قَالَ : فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ ، فَقَالَا : نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ ، قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي ؟ قَالُوا : إِنَّ دَاوُدَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ ) . رواه الترمذي (2733) ، والنسائي (4078) ، وابن ماجه (3705) ، وضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي" ، وصححه كثيرون ، كالحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (5/240) ، وابن الملقن في "البدر المنير" (9/48) ، والنووي في "المجموع" (4/640) ، و"رياض الصالحين" (حديث 889) . قال ابن كثير رحمه الله : وهو حديث مشكل ، وعبد الله بن سلِمة في حفظه شيء ، وقد تكلموا فيه ، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات ، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون . "تفسير ابن كثير" (5/125) . وقال الزيلعي رحمه الله : والحديث فيه إشكالان : أحدهما : أنهم سألوا عن تسعة ، وأجاب في الحديث بعشرة ، وهذا لا يرِد على رواية أبي نعيم والطبراني ؛ لأنهما لم يذكرا فيه "السحر" ، ولا على رواية أحمد أيضاً ؛ لأنه لم يذكر "القذف" مرة ، وشك في أخرى ، فيبقى المعنى في رواية غيرهم : أي : "خذوا ما سألتموني عنه وأزيدكم ما يختص بكم لتعلموا وقوفي على ما يشتمل عليه كتابكم" . الإشكال الثاني : أن هذه وصايا في التوراة ، ليس فيها حجج على فرعون وقومه ، فأي مناسبة بين هذا وبين إقامة البراهين على فرعون ؟! وما جاء هذا إلا من عبد الله بن سلمة ؛ فإن في حفظه شيئًا ، وتكلموا فيه ، وأن له مناكير ، ولعل ذينك اليهوديين إنما سألا عن العشر الكلمات ، فاشتبه عليه بالتسع الآيات ، فوهِم في ذلك ، والله أعلم .
والحديث : بوَّب عليه الترمذي بقوله : " باب ما جاء في قبلة اليد والرِّجل " . قال ابن بطَّال رحمه الله : قال الأبهرى : وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر ، والتعظيم لمن فُعِلَ ذلك به ، وأما إذا قبَّل إنسانٌ يدَ إنسانٍ ، أو وجهه ، أو شيئًا من بدنه – ما لم يكن عورة - على وجه القربة إلى الله ، لدينه ، أو لعلمه ، أو لشرفه : فإن ذلك جائز . وقال المباركفوري رحمه الله : والحديث يدل على جواز تقبيل اليد والرِّجْل .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : الحاصل : أن هذين الرجلين قبَّلا يدَ النبي صلى الله عليه وسلم ، ورِجْله ، فأقرهما على ذلك ، وفي هذا : جواز تقبيل اليد ، والرِّجْل ، للإنسان الكبير الشرَف والعلم ، كذلك تقبيل اليد ، والرِّجْل ، من الأب ، والأم ، وما أشبه ذلك ؛ لأن لهما حقّاً ، وهذا من التواضع .
وسئل الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله : أبي - أحياناً - يأمرني بتقبيل رِجله مازحاً ؟ . فأجاب : لا مانع مِن أن تقبلها .
الحديث الثاني : عن أُمّ أَبَانَ بِنْتِ الْوَازِعِ بْنِ زَارِعٍ عَنْ جَدِّهَا زَارِعٍ - وَكَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ - قَالَ : لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَرِجْلَهُ . رواه أبو داود (5227) ، وجوَّد الحافظ ابن حجر إسناده في "فتح الباري" (11/57) ، وحسَّنه الألباني في "صحيح أبي داود" وقال : "حسنٌ ، دون ذِكر الرِّجْلين" . والحديث بوَّب عليه أبو داود بقوله : "بَاب فِي قُبْلَةِ الرِّجْلِ" . أما الحادثة : فهي حوار حصل بين الإمامين البخاري ومسلم ، وقد اشتهر أن الإمام مسلماً قبَّل رجليْ البخاري ، وأثنى عليه بعلمه ، والصحيح : أنه ليس في القصة إلا تقبيل ما بين عيني الإمام البخاري ، وأن مسلماً طلب من البخاري أن يقبِّل رجليه ، وليس في القصة أنه فعل ذلك . ففي "تاريخ بغداد" (13/102) عن أحمد بن حمدون القصار قال : سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبَّل بين عينيه ، وقال : دعني حتى أقبِّل رجليك ، يا أستاذ الأستاذين ، وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله .
فقبَّل بين عينيه ، فقال : دعني حتى أقبِّل رجليك ، يا أستاذ الأستاذين ، وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث . انتهى . وللفائدة : فقد ضعَّف الحافظ العراقي رحمه الله هذه القصَّة ، وردَّ عليه تلميذه الحافظ ابن حجر بأنها ثابتة وصحيحة . قال الحافظ العراقي رحمه الله : والغالب على الظن : عدم صحتها ، وأنا أتهم بها " أحمد بن حمدون القصار " راويها عن مسلم ؛ فقد تُكلم فيه . "التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح" (ص 118) . ورد الحافظ ابن حجر على العراقي فقال : الحكاية صحيحة ، قد رواها غير الحاكم على الصحة ، من غير نكارة ، وكذا رواها البيهقي عن الحاكم على الصواب ، كما سنوضحه ؛ لأن المنكَر منها إنما هو قوله : "إن البخاري قال : لا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد المعلول" ، والواقع : أن في الباب عدة أحاديث لا يخفى مثلها على البخاري " . والحق أن البخاري لم يعبِّر بهذه العبارة ، وقد رأيت أن أسوق لفظ الحكاية من الطريق التي ذكرها الحاكم وضعفها الشيخ ، ثم أسوقها من الطريق الأخرى الصحيحة التي لا مطعن فيها ، ولا نكارة ، ثم أبيِّن حال الحديث ، ومن أعلَّه ، أو صححه لتتم الفائدة ... .
ثانياً : حيث نقول بجواز تقبيل الرجلين : فإنه لا بدَّ من ضوابط لهذا الجواز ، ومنها : 1. أن يكون هذا التقبيل للوالدين ، وأهل العلم . وقد سبق النقل على الشيخين العثيمين والعبَّاد ما يؤيد ذلك . 2. أن يكون التقبيل قربة إلى الله ، لا لدنيا يصيبها ، ولا مع ذل يلحقه . قال النووي رحمه الله : وأما تقبيل يده لِغِناه ، ودنياه ، وشوكته ، ووجاهته عند أهل الدنيا بالدنيا ونحو ذلك : فمكروه شديد الكراهة ، وقال المتولي : لا يجوز ، فأشار إلى تحريمه .
وقال : وتقبيل رأسه ورِجله : كيَده .
3. أن لا يُفعل هذا التقبيل مع من يحرص عليه ، ومن حرص على أن يقبِّل الناس يده : لم يستحق تقبيلها ، فكيف بتقبيل رجليه ؟! . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما ابتداء مدِّ اليدِ للناس ليقبِّلوها ، وقصده لذلك : فيُنهى عن ذلك ، بلا نزاع ، كائناً من كان ، بخلاف ما إذا كان المقبِّل المبتدئ بذلك .
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : الذي يُنتقد من بعض الناس : أنه إذا سلَّم عليه أحد : مَدّ يده إليه ، وكأنه يقول : قَبِّل يدي ! فهذا هو الذي يُستنكر ، ويقال للإنسان عندئذ : لا تفعل .
4. أن لا يكون هذا التقبيل إلا نادراً ، وحيث يقتضيه الفعل ، لا في كل مرة يلقاه فيها . قال الشيخ العثيمين رحمه الله : أما مَن يقبِّل يدك تكريماً ، وتعظيماً ، أو رأسك ، أو جبهتك : فهذا لا بأس به ، إلا أن هذا لا يكون في كل مرة يلقاك ؛ لأنه سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك إذا لاقى الرجل أخاه أينحني له ؟ قال : (لا) قال : أيقبله ويعانقه ؟ قال : (لا) ، قال : أيصافحه ؟ قال : (نعم) . لكن إذا كان لسبب : فلا بأس للغائب ... . | |
|